((( الوحدة العضويّة والوحدة الموضوعيّة )))
1- ما المقصود بـ ( الوحدة العضويّة ) ؟
هي ترابط أجزاء القصيدة ، وسيرها في تجاه واحد فكراً وشعوراً ، كلّ بيت يرتبط بما قبله ، وبما بعده ، ولا يجوز تقديم البيت أو تأخيره . وقد سميت بالوحدة العضويَّة ؛ لأنَّ ترابط أجزاء القصيدة ، يشبه ترابط أعضاء جسد الكائن الحي. ونحكم على توفّر الوحدة العضويَّة في القصيدة من خلال توفُّر العنصرين الآتيين :
أ- وحدة الموضوع : أي موضوع الأبيات يكون واحداً .
ب- وحدة الجو النفسيّ : أي عاطفة الشاعر تكون واحدة متناسبة مع الموضوع.
2- ما المقصود بـ ( الوحدة الموضوعيّة) ؟
هي اقتصار القصيدة على موضوع واحد أو فكرة واحدة.
ملحوظة : وبناءً على ما سبق ؛ فإنَّ القصيدة العربيَّة التقليديَّة ذات الموضوعات والعواطف المتنوعة – لا تتوفَّر فيها الوحدة العضويَّة.
3- من أول من أثار القضيّة النقديّة ( وحدة القصيدة ) ؟
الفيلسوف اليوناني أرسطو هو أوّل من أثار قضيّة ( وحدة القصيدة ) من خلال كتابه ( فن الشعر ) ، فقد شبّه أجزاء المسرحيّة بالكائن الحي ، بحيث لا يصح تقديم حدثٍ أو تأخيره أو حذفه ، فالأحداث تترابط ترابطاً عضويّاً.
4- كيف استفاد العرب من رأي أرسطو السابق ؟
أ- قديماً تحدّث ابن طباطبا العلويّ في كتابه ( عيار الشعر ) عن ضرورة ترابط النص الشعريّ ، فإنْ قُدّم بيت على بيت دخله الخلل ، ودعا إلى أن تكون القصيدة كلها ككلمة واحدة في دقّة المعاني وصواب التأليف.
ب- حديثاً تنبّه الشاعر خليل مطران إلى الوحدة العضويّة في مقدّمة ديوانه ، مشيراً أنّه لم يجد في الشعر العربي ارتباطاً بين معاني القصيدة ، ولا تلاحماً بين أجزائها.
ج- كذلك عالج شعراء الديوان خاصّة العقّاد مبدأ الوحدة العضويّة في كتابهم ( الديوان في الأدب والنقد ).
5- ما النقد الذي وجهه العقّاد لقصيدة شوقي التي رثى فيها المناضل مصطفى كامل؟
شنّ العقّاد نقداً لاذعاً على هذه القصيدة ،عندما حدّد نقاط ضعف القصيدة ، ومنها التفكّك ، فقد وصفها بـ ( كومة رمل )؛
بسبب تشتّت أبياتها ، وتفرّقها ، فلا رابط بينها إلا وحدة الوزن والقافية فقط ، مبرهناً على ذلك من خلال إعادة ترتيب القصيدة بتقديم أبيات وتأخير أخرى بخلاف ترتيبها الأصلي ؛ ليرينا مدى تفكّكها.
6- ما الذي ينبغي أن تكون عليه القصيدة بحسب رأي العقّاد؟
ينبغي أن تكون القصيدة عملاً فنّياً تاماً ، تترابط فيها الخواطر ترابطاً هندسيّاً ، فهي كالكائن الحي كل قسم في القصيدة يشبه عضو من أعضاء الجسد ، لا ينوب أي قسم مكان الآخر تماماً مثلما لا تنوب الأذن عن العين أو القدم عن الكف.
7- ما سبب انعدام الوحدة العضويّة في قصيدة شوقي بحسب رأي العقّاد؟ وإلام دعا ؟
السبب هو مجاراة شوقي وتقليده للشعراء العرب القدماء الذي كانوا ينتقلون في القصيدة الواحدة من غرض إلى آخر دون رابط منطقيّ ؛ تعبيراً عن مشاعرهم بما يتناسب وعصرهم ، وتقليد شوقي لهم ؛ يجعل شعره مفتقداً الصدق المعبّر عن النفس الإنسانيّة. لذلك دعا العقّاد إلى إحكام الصلة بين أجزاء القصيدة بشرط أن تشتمل على فكرة كليّة واحدة.
8- ما رأي النقّاد بخصوص نقد العقّاد اللاذع لقصيدة شوقي؟
أ- تعسّف العقّاد حين وصف قصيدة شوقي بالتفكّك ، وفقدانها للوحدة العضويّة ؛ لأنّها قصيدة غنائيّة ذاتيّة ، يُعبّر فيها الشاعر عن وجدانه وأحاسيسه ، ومن غير المعقول تقييد الشاعر في قوالب عقليّة معدّة سلفاً.
ب- الوحدة العضويّة كما فهمها العقّاد لا يمكن تصورها في الشعر الغنائيّ الذي يقوم على العاطفة والوجدان ، وإنّما يمكن تصورها في فنون الأدب الموضوعيّ كالشعر القصصيّ أو المسرحيّ.
ج- يكفي أن تشمل القصيدة الغنائيّة على : ( وحدة الموضوع ، ووحدة العاطفة ، ووحدة الصورة الفنيّة ) ؛ لتكون القصيدة عضويّة
تحياني الشاعر.